مثير للاهتمام ذاك المشهد، الذي يلتحم فيه هذا الشاب مع آثار ونقوش العمارة الأحسائية القديمة، خاصةً حينما يطوقوه بحبه وشغفه، تاركاً العنان لإبداعاته؛ لتنهمر على مسرحه كالمطر، ولعبقريته فرصة النهل من معينه المتخم عن آخره بإبداعات لا تشبه غيرها.
هذا عثمان الجمعه، شاب عشريني، من أبناء الواحة الخضراء، مهتم بالتراث العمراني وتبعاته، شغفه واهتمامه بعيد كل البعد عن مجاله الوظيفي، إذ يعمل موظف في قسم الصيانة بأحد المعامل بالأحساء.
“الأحساء نيوز” رصدت اندفاعه واهتمامه بفن النقوش والعمارة الأحسائية من خلال صفحاته عبر وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة “تويتر”، مُسجلاً لشخصه ألقاً خاصاً بها، مُغترفاً المعرفة من هذا وذاك، ومراقباً متنفسه بكل شغف.
متنفس وهواية
يقول عثمان: أن ما دعاني للاهتمام بالعمارة التقليدية ونقوشها، هو وجود شواهد حية على عبقرية أبناء شبه الجزيرة العربية، والتاريخ الذي يحكي عراقة المنطقة، وتمكُن أبنائها ومهارتهم وسعيهم؛ لكي يخرجوا بتلك المخرجات الجميلة ويبتكرون تلك الأشكال الفاتنة.
فالتراث العمراني بالنسبة لي متنفس وهواية، حيث يقول: (وجدت نفسي أتجه نحوه تلقائياً، وأعشق محتواه، وأشعر بإحساس عميق اتجاهه، إذ أتنفس الحياة عندما أقف بين المباني التراثية الشامخة).
شهرة وأضواء
وأشار، إلى أنه لا يبحث عن الأضواء والشهرة من وراء اهتمامه بالعمارة وملحقاتها، بقدر ما يجده أكبر من أي شيء آخر، كونه مجال بات يلقى اهتماماً كبير من الجهات المختصة، كوزارة الثقافة وهيئات المحافظة على التراث، ففي عالمه جمال فني منقطع النظير، مُشيراً إلى تعدد المناشط التي تُقام لهذا المجال، لافتاً الجمعه إلى الدور الكبير الذي يعوله الجميع على الجمعيات التاريخية المختصة بالمحافظة على التراث المادي وغير المادي كجمعية (الآثار والتراث) التي تم تدشينها مؤخراً بالمنطقة الشرقية، وهو أمر يحسب لها.
مُشدداً بوجوب المحافظة عليه والعمل على استدامته، فهو جزء لا يتجزء من هوية المملكة الممتد شمالاًَ وجنوباً، شرقاً وغرباً، فللأحساء شواهد تاريخية عظيمة، يجب أن يلتمسها من يقرأ تلك الأحداث في عمرانها الآخاذ، وكثيراً ما استشهد على التواصل الاجتماعي بين مناطق المملكة في تراثها المشترك فهذا دليل قاطع على الروابط بينها.
فن العمارة. هل يعكس شخصية عثمان الجمعه أم يعكس ما يتصوره؟
كلاهما مكمل للآخر، ففن العمارة استطاع أن يعكس الغنى الفكري والمعرفي والإنساني على شخصيتي، الذي احصل عليه حينما أجالس وأناقش المهتمين والمختصين في المجال ذاته، بالإضافة إلى إطلاعي على كل ما هو جديد كُتب في هذا المجال، ناهيك عن أنه أتاح لي فرصة اكتشاف ذاتي من الداخل، مما جعلني أكثف البحث عن إجابات لتساؤلات مستمرة أطرحها على نفسي، خاصة بعدما انجذبت إلى عوالمه وتعرفت إليه عن قرب.
ربط التراث بالحاضر
أخيراً.. عبر الجمعه عن أهمية ربط ذلك التراث في نواحي عدة من مجالات حاضرنا و إعادة استخدام عناصره الجمالية بالطابع المعاصر، فيمكن توظيف الكثير من العناصر المعمارية والوحدات الزخرفية في تصاميم معاصرة؛ لكي لا تنقطع الذاكرة بالماضي الجميل؛ بل وتدويله لخارج العالم العربي وتعريف العالم بملامح حضارتنا الممتدة.
❤️❤️ ما شاء الله تبارك الرحمن