هذه المنهجية في التفكير شرعنت وسوغت الضرب تحت ذريعة التأديب وحقيقتها أن أغلب الذين يضربون أطفالهم لا يفعلون ذلك لأسباب تربوية ، بل يضربونهم للتنفيس عن غضبهم!!، فهو مشحونٌ من عملهِ أو صاحبه أو ظروفه المادية أو خلافه مع زوجته أو غير ذلك ..
ويتحجج أصحاب هذه المقولة بنماذج ناجحة وظيفيًا ومتفوقة دراسيًا والبعض منهم يتبوء مناصب هنا أو هناك، ويُشارُ إليهم بالبنان ونراهم ماثلين أمامنا في مجالسنا وشوارعنا ومقاهينا ..
هذه العينة والنوعية تجد آثار الضرب عليها في أنها تُستفز لأي موقف، يصرخ يضرب أطفاله وربما زوجته، ضعيف الشخصية، لا يُحسن إدارة حياته، لديه مشاكل نفسية يتكبر عليها وعلى حلّها، ربما ينجح في الدراسة لكنه فشل في ضبط شخصيته، يتذمر من (بوري السيارة) الذي خلفه، يفتعل المشاكل، (ليس شرطًا أن تنطبق هذه الصفات على أشخاص تلقوا الضرب في طفولتهم) لكنها مؤشرات واضحة.
الضرب كان وسيلةً فعّالة مؤقتة في نطاق ضيق وفي فترات سابقة وذلك لأسباب عدة منها، قلّة التعليم، وفشوِّ الجهل، تقوقع القرية على ذاتها، شظف العيش، قلّة ذات اليد، فالأبناء ليس لديهم مايشغلهم سوى بيوتهم مزارعهم مدارسهم فقط وجميعهم بنوا خبراتهم التربوية على تراكمات وتجارب يعتقد البعض بأنها فعّالة!
الضرب في الزمن الحالي وسيلة هدّامة وقد ثبت ذلك بالتجربة الحية والدراسات العلمية، وذلك لأسباب عدة منها، انفتاح الأبناء على العالم أجمع، سهولة وتوفر المعرفة، تطور المستوى المعيشي بصورة كبيرة، زيادة وعي الأبناء والآباء، هذا فضلًا عن الدراسات النفسية العلمية الرصينة التي تؤكد ضرر الضرب على الأبناء في الجانب النفسي والسلوكي.
اضرب طفلك الآن هناك ألف يدٍ تتخطفهُ في الخارج!.
اضرب طفلك أعدك بطفل ضعيف الشخصية.
اضرب طفلك ستجدهُ يسرق يكذب خوفًا منك.
اضرب طفلك وسيتعلّم ليس من قناعة وإنما خوفًا من العصا.
اضرب طفلك بين أقرانه سيضمرها في نفسه ولن ينساها لك.
اضرب طفلك ليكون لك طفلًا ذو نفسية مشوهة مضطربة.
تشير دراسة سابقة أجراها باحثون بجامعة نيوهامبشير الأمريكية إلى أن “تعرُّض الأطفال للعقاب البدني في سن مبكرة يصيبهم بالعدوانية، حتى لو كان هدف الضرب منع الطفل من القيام بسلوك معين، كما يؤدي إلى تنامي التصرفات العدوانية للأطفال بعد التحاقهم بالمدرسة”.
وكشفت الدراسة أن “94% من الآباء الأمريكيين ضربوا أطفالهم في سن الثالثة والرابعة، و50% يستمرون في ضرب أبنائهم حتى عمر 13 عامًا، وأن 7% من المراهقين الذين لم يتعرضوا للضرب يسيئون معاملة أطفالهم مقارنة بـ24% ممن تعرضوا للعقاب، وأنهم يَعُدُّون الضرب طريقة لحل المشكلات، وقد يستمرون في ذلك في مراحل لاحقة من العمر، مما يجعلهم يضربون زوجاتهم وأطفالهم”.
أباؤنا ضربونا ولا ضرنا شيء .. هذا قمة عجز المربي في اللجوء المباشر نحو الضرب ورغبته في الحلول السريعة المؤقتة.
أباؤنا ضربونا ولا ضرنا شيء .. حينما يمتعض المربي من وسائل التربية الإيجابية فيسوق هذه العبارات المغلوطة لتبرير الضرب!
أباؤنا ضربونا ولا ضرنا شيء .. حينما تكون (مدة اليد، والكفّ، والعصى .. ) أسهل من الكلمة الطيبة والنزول إلى مستوى الابن والتعرف على احتياجاته، فعلم بأن المربي لا يُثمنُ خسارة كسر شخصية الطفل وميلهِ للعدوانية!
الآباء بريئون مما تقوّل عليهم الأبناء، فالتعليم المتواضع، والعيش الصعب، جعل أولويتهم القصوى البحث لسد الاحتياجات الضرورية، وإلا فهم حريصون على تربيتهم، ويكدحون في سبيل تأمين لقمة عيشهم، ويسعون إلى أن يكون أطفالهم أفضل منهم.
وليس معنى حديثي التساهل والدعة والدلع والركون إلى الحياة الرخوة، وإنما الجمع بين مهارة الحب والحزم فهما مهارتان وجناحان يُحلق بهما المربي إلى فضاء التربية الإيجابية ..
وفعل النبي صلى الله عليه وسلم أبلغ
تروي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: “ما ضربَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ قط خادمًا لَه ولا امرأةً ولا ضربَ بيدِهِ شيئًا”
رواره مسلم
مقال أكثر من رائع .. نعم استاذ خالد من تعرض للعنف وهو صغير قد تجده ناجح علمياً وعملياً .. لكن لم يتمتع بصحه نفسية جيدة ، بسوء تعاملة مع أهلة وأولادة . وفشل في تكوين علاقات إجتماعية ،إيجابية . وهذا مشاهد وواقع .
المشكلة ليست فقط استاذنا الكريم بضرب الاب بل فيمن يضرب ابناء غيره ولا ينتمي لهم بصلة قرابة للاسف