لا تبعد أقرب مكتبة عن بيت العائلة في حي الكوت بالهفوف وهي مكتبة الفلاح أكثر من خمسين مترا شمالا . وكان يتوفر فيها في ذلك الوقت عدة مئات من الكتب ، إضافة إلى المواد القرطاسية ، وهي واحدة من ثلاث مكتبات تقع جميعها في محلات البلدية المقابلة لسوق القيصرية بالهفوف . وقد اشتريت من هذه المكتبة – التي كان يملكها شخص من عائلة الطريري – في طفولتي عددا من الكتب منها قصص الأطفال وبالتحديد كتب المكتبة الخضراء حيث كنت آنذاك أشعر بإثارة كبيرة فيها رغم بساطة أسلوبها ومنها كتابي ( عقلة الأصبع ) و( الأنف العجيب ) . وكان الكتاب الذي ظل يستثيرني لمدة طويلة في مرحلة الطفولة فهو ( ساحل الذهب الأسود ) حيث كنت آنذاك أرغب في اقتناءه لمعرفة معنى العنوان على الأقل ، لكن سعره كان فوق طاقتي وكان معروضا بطريقة لا تسمح بتصفحه .
أما المكتبة الثانية وهي الأشهر والأقدم في الأحساء فكانت مكتبة التعاون الثقافي والتي يمتلكها الأستاذ عبدالله الملا – رحمه الله – الذي افتتحها في العام 1368هـ . وكانت تحوي عددا كبيرا من الكتب وذلك بسبب محبة مالكها للفكر والثقافة . ولا تبعد المكتبة أكثر من 70 مترا جنوب بيت العائلة ، حيث اشتريت منها بعض الكتب المفيدة في فترة المراهقة ، وقد انتقلت حاليا إلى شارع الماجد في الكوت . وسميت المكتبة بهذا الاسم لأنه تم افتتاحها في البداية بتعاون من ثلاثة أشخاص مهتمين بالثقافة .
وتعتبر المكتبة الأهلية هي المكتبة الثالثة على نفس الشارع مقابل سوق القيصرية وتبعد أكثر من 150 مترا من منزلنا . وكانت أصغر المكتبات الثلاث من حيث المساحة وعدد الكتب حيث كانت تركز على القرطاسية .
ثلاث مكتبات في شارع واحد فقط وذلك في ستينات وسبعينات القرن الماضي ، ويرجع ذلك إلى أن الأحساء كانت ومنذ القدم قبلة للعلماء وطلاب العلم من المدن المجاورة وحتى البعيدة .
أما المكتبة العامة التي عمقت ارتباطي بالكتب والقراءة فهي المكتبة القطرية التي كانت موجودة في شارع الصالحية في ستينات القرن الماضي حيث كانت تقع منجرة عائلتنا . وكانت المكتبة آنذاك تحتوي على عدد كبير من الكتب التاريخية والتراثية والدينية . وعندما تقرر إغلاقها بسبب توسعة الشارع تم توزيع بعض كتبها ، حيث أخذ الوالد رحمه الله بعضا منها استفدت منه وقرأت ما أستطيع فهمه منها آنذاك ، وربما لا يزال لدي بعض الكتب منها حتى يومنا هذا .
بعدها وعندما كنت في المرحلة الثانوية تعرفت إلى موقع المكتبة العامة الواقعة في شارع البلدية بالهفوف وكنت أقضي فيها بعض الوقت خاصة في العطلة الصيفية الطويلة آنذاك .
هذه كانت حال بعض المكتبات التي كنت أرتادها آنذاك ، إضافة إلى وجود مكتبات شخصية لدى عموم الناس في مختلف مدن وقرى الأحساء تنامت بشكل مضطرد مع مرور الوقت وتزايد أعداد المطابع .