بعد بضع ربيع قضيناها في دراسة ودوام ، بعد سهر ومواصلة، بعد عناء وجد وجهد مستمر،أسر أقسمت أن لا تكون صديقة للكسل وفتور الهمم، آباء شقوا أنفاقا من الكد والكدح، أمهات سخروا كل طاقاتهم لأجل تقوية الأبناء الذين هم خلايا وطوب صروح الوطن، معلمين ومعلمات اعتصموا بأمانة العلم ونقله لكل طالب له.
وإذا ما أخطأت في حديثي،فهذا والله ما أراه في تصوري حسب علمي بالمعنى الشمولي للتعلم باختصار، لكن حديثي اليوم يخص المعلمين والمعلمات وأولياء الأمور، بعد أكثر من أسبوع بدأت دوامة الاختبارات النهائية،بدأت الحرب النفسية تدب في نفوس الكل لاسيما الفئة المستهدفة في حديثي، أعلم أن لسان حالكم يقول بعد كل هذا التعب الذي ننفقه عليكم تلعبون وتلهون وتهملون، لتأتوا بهذه الدرجات التي لا ترضي الطرفين.
وهنا أتحدث كطالبة نيابة عن مئات الطالبات والطلاب الذين يعانون من نقص في درجاتهم، واحترامي إليكم أولياء الأمور والمعلمين والمعلمات وأقول لكم:-
“أعلم الكم الكبير الذي واجهتموه في تدريسنا، وأعلم كم كان العبء عليكم لأجل تعليمنا والإرتقاء بمستوى تحصيلنا ، وأعلم أن مجهودكم تضاعف بكثير في أثناء تصحيح أوراقنا، ولكن والله نتألم على أخطائنا كما تتألمون ، و أذكركم فقط أننا بشر لا نسلم من الخطأ، والورقة التي تقيس فهمنا لا تقيس استيعابنا للمنهج بأكمله هي فقط تقيس جزء من أجزاء كثيرة في المنهج، الأيام التي درسنا فيها هذا المنهج، كان لكل طالب ظروف خاصة به، فلا تستطيع أن تفرق بين طالب توفي والده في هذه الأيام، وطالبة توفيت أمها، طالب يكد على أسرته، وطالبة تحمل هم أسرتها، لا تستطيعون أن تفرقوا بين طالب متوسط المعيشة لديه ما يملي حاجته بفضل الله من المأكل والمشرب والملبس وطالب فقير لا يجد ما يأكل ولا يشرب يعيش مرتجفا يذاكر ويفكر في حل ليتدفأ، لا تستطيعون أن تفرقوا بين طالب ذاكرته وقدراته قوية يذاكر قبل الاختبار بيوم ويحصل على الدرجة الكاملة وطالب يذاكر يوميا و يتعب ويمل ومع ذلك لا يحصل إلا على نصف الدرجة أو ثلثها.
ولكل شخص ظروفه الخاصة وقدراته التي وهبها الله إياه، فورقة الاختبار لا تقيس إلا جزءا يسيرا من قدرات الطلاب، والطالب لا يبني مجده بورقة اختبار في ساعة ولا تحدد مستقبله أبدا، هؤلاء الطلاب أتوا ليتعلموا لا يحددوا مستقبلهم بهذه الإختبارات العبرة ليس في الألقاب ولا في الدرجات الطريق طويل جدا، وصعب وشاق، العبرة تكمن في نهاية المطاف، ليس في كون الشخص أصبح عالما أم طبيبا، هؤلاء ما كانوا بفضل الله إلا بسبب أوراق الاختبار إن لم أخطأ، هذا إن لم يكن المنصب مأخوذا بغش العبرة في الإعمار والإخلاص لوجه الله.
في يوم القيامة قد يؤتى بالعالم ولا يأخذ جزاءه من الحسنات لأنه كان يتعلم ليقال عنه عالم هذا إذا ما أخذ المنصب بالغش والاحتيال والرشوة وعاد عليه في ميزان الأعمال في الآخرة، وأصبح عالم فأخذ نصيبه في الدنيا، وفي الآخرة حسابه على الله وقد يؤتى بفقير فيدخل الجنة بدون حساب ولا سابق عذاب، تعلم وعلم صبية صغار وامتهن مهن بسيطة ليأكل من عمل يده هو كانت ظروفه لا تسمح بأن يكون عالما او طبيبا، لكن إخلاصه لله جعل من علمه تعليم من حوله دون شهرة ولا كسب أجر أخذها دون غش ونصب واحتيال، قد لا تعرفه الدنيا لجهل حكم الآخرين ولكن الملأ الأعلى كان يعرفه وينتظره في يوم موعود.
لذلك أيها الأولياء والمعلمون والمعلمات
بخالص ود واحترام أقدر كل ما تعانون منه من تعب وكلل لا تجعلوا اختبارات الطلاب والطالبات مقياس تعبكم ،ولا مقياس لمستقبلهم ، تقبلوا أخطاءهم، وتمنوا لهم التوفيق، وأدعو الله أن يجازيكم على إحسانكم إحسانا و سيئاتكم عفوا وغفرانا، وأن يجعل كل ما بذلتموه من جهد وتعب في ميزان أعمالكم، هذا قولي فإن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كبيرا.
مريم السعيد
@M_alsaed2