أي يتماً يحكى وينطق على من رحلت وارتحلت بموتها رحمها الله وغفر لها وأي عناوين تطلق باسمها وقبله اليتيمة، لو علمت هيفاء بمن شيع جنازتها لأيقنت بأنها لم تكن يتيمة بجموع من حضر لوداعها والصلاة عليها ومواراة جثمانها الثرى جموعاً غفيرة لاتكد تعد وتحصى ودعوات تلهج بها ألسنتم وأفئدتهم مودعينها بأن يغفر الله لها ويرحمها، وشدوا رحالهم بعد دفنها لإستقبال عزائها من بين الرجال والنساء فأي يتماً يا هيفاء.
فما ساق هذه البشرية من القريب والبعيد والقاصي والداني إنها قدرة الله وأمره والخير الذي زرعه هذا الدين في نفوسهم وأوصى به وكافئهم عليه بفضل الله ومنه وكرّمه، وموقفهم الإنساني الطيب.
وإذ برامج التواصل الإجتماعي لم تكد تتوقف برهة منذ إعلان حاجتها إلى التبرع لها بالدم أثناء إجراء العملية الجراحية حتى حلّ قدر الله وأمره بوفاتها، ولم تزل برامج التواصل مشتعلة بالحث على تشييعها والدعاء بأن يغفر الله لها ويرحمها، وباستقبال عزاء رحيلها.
فيا أمة الإسلام يا أمة محمد صَل الله عليه وسلم هذه الفئة كانت ولا زالت بيننا ومنا وفينا فلا ننتظر وداعها لنستشعر بوجودها، والأولى أن نشعرهم بوجودهم وشأنهم بيننا في حياتهم.
فكم من يتماً شمل هيفاء وغيرها والله سبحانهُ أعلم بحالها وحالهم، فنحن أحوج إليهم منهم فلنبادر ونقدّم، ونقدر مشاعرهم ونتلمس حاجاتهم وأحوالهم وتيسير أمورهم وظروفهم وندمجهم بيننا وفينا قبل رحيلهم.
ويكفي لحث المؤمن على الحرص عليهم، قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين، وأشار بالسبابة والوسطى، وفرق بينهما )
وإنفاق المال على اليتيم قد ورد الحث عليه بخصوصه ؛ قال صَل اللَّهُ عليه وسلم :( َإِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ فَنِعْمَ صَاحِبُ الْمُسْلِمِ ، مَا أَعْطَى مِنْهُ الْمِسْكِينَ وَالْيَتِيمَ وَابْنَ السَّبِيلِ ، أَوْ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) رواه البخاري (1465) ومسلم (1052)
وقد أوصانا الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم – وصيَّة جازمة بالحفاظ على حقِّ اليتيم، وحرَّج على مَن يتعدَّى أو يَظلم يتيمًا”.
فلله الحمد والمنة فإن بلادنا المباركة حباها الله لم تغفل عن هذه الفئة المباركة باْذن الله والتي شرع لها الإسلام الفضل والأجر الوفير من عند الله سبحانه بأن تكفلت بها بالرعاية والإهتمام وسخرت لها الدُور والجمعيات والمنظمات لرعايتها وقضاء شؤونها وحوائجها فضلاً عن مايقدمه شعب الخير فوالله أن اليتيم مكانته وشأنه عَظِيم، فلله الحمد المشاهد في بلادنا وأهلها الطيبين الكرماء وموقف أختنا هيفاء رحمها الله وغفر لها يشعرنا بأنه ليس بيننا يتيم.
فتزودوا من الخير برعاية وكفالة الأيتام لنيل الفضل الوفير من عند الله سبحانه جل في علاه.
هنيئاً لكِ هيفاء هذا التجمعُ يلحفه الدعاء لكِ بالرحمة والمغفرة من عند الخالق سبحانهُ.
والحمدلله رب العالمين.