أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور أسامة خياط المسلمين بتقوى الله عز وجل. وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم بالمسجد الحرام: «إن النعمة الكبرى التي لا تعدلها نعمة، والمنة العظمى التي لا تفضلها منة، هي: بعثة النبي الكريم بالهدى ودين الحق، ليخرج الناس برسالته من الظلمات إلى النور، ويهديهم به سبل السلام، ويضع عنهم الأغلال التي كانت على من قبلهم، ويسمو بهم إلى ذرى الخير والفضيلة، وينأى بهم عن مهابط الشر وحمأة الرذيلة، ويسلك بهم كل سبيل تبلغهم أسباب السعادة في العاجلة، والفوز والفلاح والنجاة في الآجلة، ولذا كانت بعثته رحمة للخلق كافة. ونعمة على البشر قاطبة». وأضاف قائلاً: «إن رسالته صلوات الله وسلامه عليه رحمة للخلق جميعًا، عربيهم وأعجميهم، أسودهم وأبيضهم، ذكرهم وأنثاهم، إنسهم وجانهم»، مبينا أن «جوانبَ هذه الرحمة العامَّة الشاملة في رسالة هذا النبي الكريم، لتجلّ عن الحصر، وتربو على العدّ، غيرَ أنَّ من أظهرِ تلك الجوانبِ وأعظمِها دلالة على هذا المعنى، تصديقًا له، وبرهانًا عليه، ما جاءت به هذه الرسالة من عناية ظاهرة لا نظيرَ لها، بحفظ الأرواحِ، وصيانة الدماء، وعصمة الأنفس».
وأبان أن «خلفاء النبي استمسكوا بهذا الهدي النبويّ، ومضوا على هذا النهج المحمدي من بعده، وأمراء المؤمنين على تعاقب العصور، ويبدو ذلك بيِّنًا جليًّا في وصاياهم لقوَّاد جيوشهم عند بعثِهم لمصَاولة الأعداء، مؤكدًا أن دينا جاء كتابُه ونبيّه صلوات الله وسلامه عليه بمثل هذا الضياء الذي انجابت به ظلماتُ الأرض، لجدير بأن تُشرق شمسُه على الدنيا اليوم كما أشرقت بالأمس وأن هذا الدين الحق خليق بأن يوصَف بالعدالة والسلام، والحرية الحقة، لا أن يوصَف بالإرهاب والقتل والتعطّش لسفك الدماء».
وقال الدكتور أسامة خياط: «إن للعدلِ رداءً يحوطه، وللأمن والسلامِ قوة تذود عنه، لا قوام لهما إلا به، ولا تمام لهما إلا بتحققه، ولذا، كان من البشائر التي تثلج صدور المسلمين، وتطمئنّ لها أفئدتهم، وتغتبط بها نفوسهم، ما منّ اللهُ به من قيام هذا التحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب، ذلك التحالف الذي قام على سوقه لإحقاق الحق، ورفع الظلم، ونصرة المظلوم، ودحر العدوان، ومنابذة الإرهاب، وبسط رداء الأمن، ونشر ألوية السلام، ومن ثمَّ كانَ الدرعُ السابغ لهذا التحالف هو ذلك الرعد، (رعد الشمال)، الذي جاء صورة حيّة، وصوتًا ناطقًا، وبرهانًا عمليًّا، وثمرة مباركة، لهذه القوة الإسلامية المتينة، وذلك التحالف الإسلامي المتلاحم، حقق الله أهدافه، وأنجح مساعيه، وبلغ آمالَه، إنه جوادٌ كريمٌ»، مشددا على أنه «مهما أغبرَّ وجهُ الحق وغشِيته غواشي الباطل، فإنَّ الظهورَ والغلبة والعزَّ والتمكينَ هو لدين الله في نهاية الأمر».
وفي المدينة المنورة، أوصى إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور علي الحذيفي في خطبة الجمعة اليوم، المسلمين بأداء الحقوق الواجبة على العبد. وقال: «إن نفعها في آخر الأمر يعود إلى المكلّف بالثواب في الدنيا والآخرة، مبينا أن التقصير في بعض الحقوق الواجبة على المكلّف أو تضييعها وتركها بالكلية يعود ضره وعقوبته على الإنسان المضيّع للحقوق المشروعة في الدين».
وأوضح إمام وخطيب المسجد النبوي أن «حق الربّ الذي يجب حفظه هو التوحيد، وقد وعد الله عليه أعظم الثواب، وقال من ضيّع حق الله عز وجل بالشرك به، واتخاذ وسائط من دون الله يعبدهم ويدعوهم لكشف الضرّ والكربات، وقضاء الحاجات ويتكّل عليهم، فقد خاب وخسر وأشرك وضلّ سعيه، لا يقبل الله منه عدلاً ولا فدية، ويقال له ادخل النار مع الداخلين، إلا أن يتوب من الشرك»..
وبين أن «المكلّف إن ضيّع الحقوق وترك واجبات الخلق الموجبة، فقد حرم نفسه من الثواب في الدنيا والآخرة، وإن قصّر في بعضها فقد حرم من الخير بقدر ما نقص من القياد بحقوق الخلق، والحياة تمضي بما يلقى الإنسان من شدة ورخاء، وحرمان وعطاء، ولا تتوقف الحياة على نيل الإنسان حقوقه الواجبة له، وعند الله تجتمع الخصوم، فيعطي الله المظلوم حقّه ممن ظلمه»..
وأشار الشيخ علي الحذيفي إلى أن «أعظم الحقوق بعد حق الله ورسوله، حقوق الوالدين، ولعظم حقهما قرن الله حقه بحقهما». وقال: «إن الله عز وجلّ عظّم حق الوالدين لأنه أوجد الإنسان وخلقه بهما، والأم وجدت في مراحل الحمل أعظم المشقّات، وأشرفت في الوضع على الهلاك»، مشيرًا إلى «حق الأب الذي يرعى ويسعى لرزق الولد، كما أن الوالدين يسهران لينام الولد، ويتعبان ليستريح، ويضيقان على أنفسهما ليوسعا عليه، ويتحملان قذارة الولد ليسعد، ويعلمانه ليكمل ويستقيم، ويحبان أن يكون أحسن منهما فلا عجب من كثرة الوعيد في عقوقهما».
ولفت إلى أن «بر الوالدين هو طاعتهما في غير معصية، وإنفاذ أمرهما ووصيتهما والرفق بهما، وإدخال السرور عليهما، والتوسعة عليهما في النفقة وبذل المال لهما، والشفقة والرحمة لهما والحزن لحزنهما، وجلب الأنس لهما وبرّ صديقهما وصلة ودّهما، وصلة رحمهما، وكفّ جميع أنواع الأذى عنهما، والكفّ عما نهيا عنه ومحبة طول حياتهما، وكثرة الاستغفار لهما في الحياة وبعد الموت».
وحذر الحذيفي من خطر الوقوع في عقوق الوالدين، معللا ذلك أن من أعظم صور ومواقف عقوق الوالدين تحويلهما أو تحويل أحدهما إلى دار المسنين وإخراجهما من رعاية الولد والعياذ بالله، مؤكدًا أن ذلك ليس من أخلاق الإسلام ولا من كرم الأخلاق.
وأوضح أن «من أعظم العقوق التكبّر على الوالدين والاعتداء عليهما بالضرب والإهانة والشتم والحرمان، أما البر بهما وأداء حقوقهما فذلك مع ما فيه من الأجر العظيم والبركة فهو من مكارم الأخلاق، وأكرم الخصال التي يقوم بها من طابت سريرته، وكرم أصله، وزكت أخلاقه، وجزاء الإحسان الإحسان، والمعروف حقه الرعاية والوفاء، والجميل يقابل بالجميل، ولا ينكر المعروف والجميل إلا منحطّ الأخلاق ساقط المروءة، خبيث السريرة».
خطيب المسجد الحرام: رعد الشمال صورة حية للقوة العسكرية الإسلامية المتينة
الزيارات: 2131
التعليقات: 0