تقاسمته مناقير الغربان، فبات كقشة من رديء التمر وما خلفته السنابل.. فيا هول عيدان القصب وتقسيم الكراسي، ولا علم لخيزران ظله بما جرى إلا بالتساؤل والحيرة!
– كيف له أن يستنطق ريق الجدار؟! – كيف له أن يجثو على ركبتيه ليحتز رائحة الطفولة؟!
– كيف له أن يقف على ضفاف عمره المتسارع بالدهشة؟!
– كيف له أن يكتب دمعة يتيمٍ، وآهة مفجوعٍ، وحُرقة جائعٍ بشدِّ الانتباه، وجمال التصوير؟!
– كيف له أن يستلف الخطى من تشدقها للسحاب بالزركشة والمديح؟!
– كيف له أن يستجدي الرصيف الذي داسه و وطئه أيام المراهقة بالنسيان؟!
– كيف له أن يُوقف مدَّ الكذب، ودنس التملق، وابتسامة الغروب؟!
– كيف له أن يستعير أسماء المارة من فوهة عطر أسلافه؟!
– كيف له أن يعتصر الحلم باليقظة، وتصفح الجرائد؟!
– كيف له أن يفتش عن ذاكرته في حالكة الليل، وأنامله مبتورة بالضياع؟!
– كيف له أن يكتبك وتكتبه بكلام استعرت منه أقمشة السماء، وتنصلت عنه أمهات الكتب بالغبار؟!
– كيف له أن يجرَّ أذيال ثيابه كيلا يسقط في جب الهمهام المقنع بالردى ولبس المحابس؟!
– كيف له أن يعي زرَّر الشمس، ونوافذ دفء الشتاء المتخمة بالضياء؟!
– وكيف له أن يُحيل الهدف إلى تجربة بإما وأما، وهنا وهناك؟!
تلك الحروف كتبتها فمن القائل: صار الكذب فضيلة، والصدق رذيلة؟